مسألة حقوق الإنسان من المنظور الإسلامي

لطلبة سنة ثالثة حقوق محاضرة بعنوان نظرة الإسلام لمسألة حقوق الإنسان

وكما عودناكم أعزاءنا

إطلالتنا لكم لا بد وأن تحمل معها الجديد المتجدد, وهو ذات الحال

مع طرحنا لهذا اليوم, ومع موضوع متعلق بنظرة الشريعة الإسلامية الحنيفة

لمسألة حقوق الإنسان, بحيث سنرى مواقف وإعجازات من القرآن الكريم

والسنة النبوية المطهرة, تبين بشكل كبير مدى إهتمام الدين الإسلامي بهذا

الموضوع الحساس الذي بلغ مداه كافة أرجاع المعمورة

الدين الإسلامي أولى أهمية كبيرة لحقوق الإنسان, وذلك ابتداءاً من القرآن الكريم
والسنة النبوية الشريفة حتى مؤلفات فـقهـاء الإسلام . بحث عمل الإسلام على حماية
هاته الحقوق, فالقرآن الكريم يقول مثلاً بعد بسم الله الرحمان الرحيم :
( إني جاعل في الأرض خليفة قالوا )

كما فضل الله سبحانه وعز جلاله الإنسان على سائر المخلوقات, وهذا طبعاً بسبب
إنسانيته, ومن هنا كانت حقوق حرمات على غيرها, لايجوز أن يعتدي عليها بغير مبرر
شرعي, فالإنسان في الإسلام يتمتع بمكانة عالية, تجعله أهم وأول أشخاص القانون الدولي
حيث تقول الآية الكريمة : ( ولقد كرمنــا بني آدم وحملنـاهم في البر والبحــر ورزقناهم من
الطيبـات وفضلنـاهم على كثيــر ممن خلقنــاهم تفضيــلاً ) - الإسراء /70 - .

الإسلام كرم الإنسـان وفضله على العالـمين وجعل الناس سواسـية كما يقول رســول الله
(ص) : " الناس سواسية كأسنان المشط ", يقول أيضا : " لا فرق بين عربي وأعجمي ولا
أبيض على أسود إلا بالتقوى " .

الجميع يعرف المقولة المشهورة فيما يتعلق بموقف عمر بن الخطاب رضي الله عنه, حين وقف
في وجه أمير مصر الذي أهان شخصاً, بمقولته الشهيرة " متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم
أحــــراراً " .

إن فقهاء الإسلام في بداية الفتوحات وعند التقائهم بالشعوب الأخرى لإيجاد قواعد فقهية وقانونية
تفادياً لارتكاب الأخطاء التي وقعت فيها الحضارات السابقة, فالفقيه عبد الرحمان الأوزاعي وضع
بعض القواعد الشرعية في كتابه " السبيل ", إذ يعتبر أن جميع البشر يشكلون عائلة واحدة تعيش
في ظل العدالة والمساواة . ووضح قواعد معاملة العدو أثناء الحرب, فحرم التعرض للفلاحين والرعاة
والرهبان, العجزة والأطفال والنساء, وكل هذا تنفيذاً لوصية الخليفة الأول في الإسلام أبو بكر الصديق
رضي الله عنه, الذي وجه أوامر لقائد الجيش في الشام يزيد بن أبي سفيان .

كما تطرق الأوزاعي أيضا إلى المسائل الخاصة بالأسرى وغنائم الحرب, دون أن ينسى إتباع الإستقامة
والصدقة وتغليب النزعة الإنسانية في العلاقات بين الشعوب .

كما بين في نفس الكتاب أن الأصل في الشريعة الإسلامية هو السلم والأمن, أما الحرب فهي حالة استثنائية
وكروهة تماشياً مع قوله تعالى : ( كتب عليكم القتال وهو كره لكم ) - البقرة / 216 - .

كما فند وحلل معنى المعاهدة وأوجب احترامها طبقــاً للآية الكريمة : ( وأوفوا بعهد الله إذا عاهدتم ) -النحل 91-
لقد إجتهد فقهاء الإسلام في عدة ميادين لها صلة بحقوق الإنسان .
فالإمام الشاطبي أعطى عدة ملاحظات على منظومة حقوق الإنسان في الإسلام, فأحكام الشريعة الإسلامية
تستهدف مقاصد أساسية وهي : الحفاظ على الدين والنفس والعقل والمال والنسل .
وهاته المقاصد نجدها تحتوي على عدة حقـــــــــــــوق .

- الحق في الحياة, حق الملكية, الحق في التعليم......, وفي رأي الدكتور عمر سعد الله :
" الشريعة الإسلامية تحتوي على نظرية متكاملة للقانون الدولي لحقوق الإنسان,
والقانون الدولي الإسلامي معـاً".
وهو ما نجده مفصلاً في كتب الأصول : قواعد الأحكام في مصالح الأنام
لعز الدين عبد السلام. والكتاب الثاني بعنوان : الموافقات في أصول الأحكام للإمام الشاطبي .

ويرى مؤلفون آخرون, أن من يتمعن في القرآن والسنة, يمكن أن يلاحظ أن شريعة
حقوق الإنسان مدونة في الإسلام, وأن حقوق الإنسان مقررة للعباد واضحة لا تتبدل, ولكن هناك
في المقابل واجبات فرضها الله على العبـاد, والتي يجب عليه أن يحترمها .

فحقوق الإنسان ليست فضلاًَ من حاكم أو هدية من سلطة معينة, وتمتاز بالشمولية والعمومية.
لجميع الحقوق والحريات, إذ تستهدف جميع البشر دون تمييز مما يفترض احترامها من الكافة .

أخيراً وليس آخراً, جاء البيان الإسلامي العالمي لحقوق الإنسان 19/09/1981, يقول أن
حقوق الإنسان مستمدة من القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة, وهي حقوق أبدية لا تقبل الحذف
أو التعديل أو النسخ أو التعطيل, فهي حقوق شرعها الله الخالق, وليس من حق البشر أن يعطلها أو
يعتدي عليها, ولا تسقط حصانتها الذاتية, لا بإرادة الفرد تنازلاً عليها, ولا بإرادة المجتمع ممثلاً فيما
يقيمه من مؤسسات, أياً كانت طبيعتها, ومهما كانت السلطات المخولة لها .

وعلى سبيل الذكر, نبين هذه الحقوق التي جاءت في بيان حقوق الإنسان :

1 - الحق في الحياة جاء في الآية : ( من قتل نفساً بغير نفسٍ أو فاسادٍ في الأرض فكأنما قتل الناس جميعاً )
- المائدة / 32 -.

2 - حرية العقيدة جاءت في الآية : ( لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي ) - البقرة / 256 - .
وكذلك الآية الكريمة : ( فذكر إنما أنت مذكر لست عليهم بمصيطر ) - الغاشية 21/22 -.

3 - حرية التعليم : ( إنما يخشى الله من عباده العلماء ) - فاطر / 28 -.

4 - حرية النقل و السكن .

5 - الحرق في سرية الحياة الخاصة .

6 - حق الإنسان في أملاكه وأمواله, المساواة أمام القانون............إلخ .

كان هذا مقتطفاً من إحدى المحاضرات الملقاة على :

طلبة السنــ3ــة بكلية الحقوق - جامعة المسيلة - الجزائر .

موسم 2011/2011

للأستاذ المحاضر : عبد النور مبروك ( أستاذ مقياس المسؤولية الدولية ) .

إن أعجبكم الموضوع شاركوه مع أصدقائكم .